25

مارس

بيع المرابحة للآمر بالشراء ضوابطه الفقهية وتطبيقاته المعاصرة

يُعدّ “بيع المرابحة للآمر بالشراء” حجر الزاوية في التمويل الإسلامي المعاصر، حيث يقدم بديلاً شرعياً للقروض الربوية التي تعتمد على الفائدة، فببيع المرابحة تتحقق المصلحة للطرفين، دون الوقوع في المحظور في إطار من الشفافية والانضباط الشرعي.

تعريف بيع المرابحة للآمر بالشراء:

هو عقد يُبرم بين طرفين: الآمر بالشراء (العميل)، والمأمور بالشراء (المصرف عادة)، حيث يطلب الأول من الثاني شراء سلعة معيّنة، ويتعهد بشرائها منه لاحقًا مقابل ربح محدد يتم الاتفاق عليه مسبقًا. فهو عقد يلبي حاجة العميل للتمويل دون اللجوء إلى الاقتراض بفائدة، كما يحقق المصلحة للمصرف الذي وضع هامشاً للربح في مقابل بيع السلعة، بعد أن اشتراها ودخلت في ضمانه.

حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء:

أقر جمهور العلماء والمجامع الفقهية المعتمدة جواز هذا العقد، لكنهم وضعوا شروطاً صارمة لضمان عدم انزلاقها إلى دائرة الربا أو التحايل عليه.

 

شروط بيع المرابحة للآمر بالشراء:

1- تملك البائع (الطرف الأول) للسلعة ملكًا حقيقيًا قبل بيعها للعميل، لأن بيع المأمور بالشراء للسلعة على العميل قبل شرائها يدخل في عموم نهي النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لحكيم بن حزام:  (لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)

2- قبض المأمور بالشراء للسلعة قبل بيعها، والقبض أمر زائد على البيع؛ ودليل ذلك ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ) [متفق عليه]

وعن ابن عباس رضي الله عنه مثله، وقال: “وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ مِثْلَهُ” [مسلم]

وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه، (… فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ، حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ)

3- ألا يكون المقصود من المعاملة التحايل على الربا، فيحرم على البنك في بيع المرابحة للآمر بالشراء: أن يشتري السلعة من شركة أو محل تابع للآمر أو وكيله؛ لأن صورة ذلك، كصورة عكس مسألة العينة، فإن الآمر يبيع السلعة بنقد ثم يشتريها من البنك نسيئة.

4- عدم فرض غرامة في حالة التأخر عن السداد، لأن أي زيادة على دين ثبت في الذمة يكون من الربا المحرم الذي نزل به القرآن.

5- أن يكون الوعد غير ملزم للطرفين قبل تملك البائع للسلعة، حتى لا يتحول العقد إلى بيع ما لا يملك.

جائ في قرار مجمع الفقه الإسلاميّ: (المواعدةَ الملزمةَ في بيع المرابحة تشبه البيعَ نفسَه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكاً للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده). [قرارات مجمعِ الفقهِ الإسلاميِّ (40 -41)، ويراجع: موقع الإسلام سؤال وجواب، جواب السؤال رقم: (229091).]

خاتمة

بيع المرابحة للآمر بالشراء من أبرز صيغ التمويل في البنوك الإسلامية، وقد أقرها جمهور العلماء والهيئات الشرعية بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية التي تمنعها من التحول إلى ربا مقنع أو حيلة محرمة. ومتى التزمت المؤسسات المالية بهذه الضوابط، أمكن الجمع بين التمويل المشروع وتحقيق المصلحة للطرفين، في إطار من الشفافية والانضباط الشرعي.

ينظر:

“بيع المرابحة للأمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية” للدكتور علي محيي الدين القره داغي.

“المرابحة في المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق” للدكتور محمد عبد الحليم عمر.

“المعاملات المالية المعاصرة” للدكتور وهبة الزحيلي.

“قرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي” (منظمة المؤتمر الإسلامي).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RELATED

Posts